العيد ..والقدس ..والوثيقة العمرية
لا نرغب بترديد النغمة المتشائمة: (عيد باية حال عدت يا عيد) بل نقول: (ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت اظنها لا تفرج ) فنحن نسمع الصلوات السماوية الصادرة من حجاج بيت الله الحرام.. من (مكة المكرمة) وهم يرددون دعاءا سماويا .. لبيك اللهم لبيك ..لا شريك لك لبيك .. ان الحمد والنعمة لك والملك ..لا شريك لك لبيك. والملائكة تغرد من حولهم..ونعيش لحظات ايمانية ليس لها مثيل ..ينطق بها ضيوف الرحمن على الارض وتستقبلها السماء.وهذا الدعاء ينقلنا الى (القدس) فهي شقيقة مكة المكرمة..فان الابتهاج والسرور بالوقوف بين يدي الرحمن في العيد.. ينقلنا الى عكسه تماما في (القدس).. حيث الارهاب اليهودي والاحتلال الاسرائيلي.. والمجازر التي ترتكبها العصابات الاسرائيلية بالقتل والحرق والتدمير.. واخيرا وصلوا الى تدنيس (المسجد الاقصى المبارك)ولا يخفون رغبتهم في هدمه لا قدر الله واقامة احدى اساطيرهم وهي هيكل سليمان الثالث الذي يزعمون في كتبهم المحرفة ان المسجد الاقصى المبارك بني على انقاض هيكل سليمان الذي لم يره احد ولم يسمع عنه احد الا من كتب اليهود التي كتبوها بايديهم في ساعات سرحانهم وفي انفاق مظلمة تحيط بهم عنصريتهم البغيضة وحقدهم الذي يسري في عروقهم.اليهود شعب غريب الاطوار فيطلقون على انفسهم اسماء متغيرة بحسب فصول السنة ..فتارة يقولون انهم عبرانيون.. وتارة يقولون انهم يهود ..ومرة ثالثة يقولون انهم بنو اسرائيل .. ورابعا يقولون انهم صهيونيون.فقد اغتصبوا فلسطين سنة 1948 وسموها اسرائيل وهم يطلبون من العالم عامة ومن العرب خاصة ..الاعتراف بهم دولة يهودية .الا انهم يعيشون الان في المأزق الحاد .. فهل اسرائيل دولة لليهود فقط ..؟ هل هذه الدولة للاسرائيليين فقط ..؟ام هل اسرائيل للصهاينة فقط..؟فهم في المثلث الجهنمي الذي يمتاز باضلاعه النارية الملتهبة .علما بان كل اسم لجماعة مختلفة..وبمعنى ادق فهم يعيشون في المربع الحديدي الذي اختاروه بانفسهم واضلاعه العبرانيون واليهود وبنو اسرائيل والصهاينة .ولكنهم يخلطون بين هذه الجماعات المختلفة بحسب فصول السنة. فاصبحت اسرائيل اليوم تعيش بلا هوية..وهذا بداية زوالها باذن الله .لان هذه الاسئلة بقيت حائرة دون جواب..ولم يستطع كبار الحاخامات تحديد جواب واضح عليها ..بل زعم كبير حاخامات اسرائيل :- ان دولة اسرائيل هي نتيجة التجليات الربانية.وبعد، ان هذا الحديث الذي يعد اضحوكة امام الامم المتحضرة في القرن الحادي والعشرين ..تركوها الى لعبتهم الجديدة وهي التي سموها صراع الحضارات . واذا انتقلنا الى لحظات مضيئة.. في تاريخنا العربي بعيدا عن الجو الحالي الذي نعيشه من رؤية شلالات الدماء وهياكل المدن والبراميل المتفجرة التي تلقى من الطائرات.. على المواطنين العزل .بمناسبة (عيد الاضحى المبارك )نرجع الى لحظة مضيئة في تاريخنا ونسأل المولى ان يغير حالنا . فقد حاصرت القوات الاسلامية مدينة (القدس) وكانت تسمى (ايليا)في ذلك الزمان.. الا ان بطريرك القدس (صفرونيوس ) رفض تسليم المدينة الا الى امير المؤمنين (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه.وفعلا جاء سيدنا عمر من المدينة المنورة وثوبه فيه رقع من الزهد والتقوى ولم يكن معه حرس او موكب بل جاء في قمة التواضع على جمل تارة يركبه هو وتارة يركبه خادمه . واستلم عمر بن الخطاب مفاتيح القدس الشريف ودخلها على قدميه وليس على حصان ابيض.. وبكل تواضع ثم سار في المدينة مدينة الانبياء انه رمز من رموز الاسلام بل رمز من رموز العدل السماوي بعيدا عن الكره والعنصرية التي لا يعرفها المسلمون يسير على الارض..الا ان البطريرك صفرونيوس طلب من سيدنا عمر ان يكتب (عهدا للنصارى) المقيمين في القدس الشريف ولم يتردد سيدنا عمر بالموافقة وكتب هذا العهد وهو الذي سمي (بالوثيقة العمرية) وهي :- بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اعطى عبد الله عمر بن الخطاب امير المؤمنين اهل ايلياء من الامان .اعطاهم امانا لانفسهم واموالهم ولنسائهم وصلبانهم وسقيمها وبريئها وسائرها لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينقص منها ولا من صلبهم .ولا من شتى اموالهم .ولا يكرهون على دينهم ولا يضار احد منهم . ولا يسكن بايلياء معهم احد من اليهود .وعلى اهل ايلياء ان يعطوا الجزية كما يعطي اهل المدائن وعليهم ان يخرجوا منها الروم واللصوص .فمن خرج منهم فهو امن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم . ومن اقام منهم فهو امن وعليه مثل ما على اهل ايلياء من الجزية. ومن احب من اهل ايلياء ان يسير بنفسه وماله مع الروم ..ويخلي بيعهم وصلبهم فانهم امنون على انفسهم وعلى بيعهم .وعلى صلبهم حتى يبلغوا مامنهم .ومن كان منهم من اهل الارض فمن شاء منهم قعد عليه. وعليه مثل ما على اهل ايلياء من الجزية .ومن شاء سار مع الروم ومن شاء رجع مع اهله فانه لا ياخذون منه شيء حتى يحصد حصادهم.وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله.. وذمة رسوله وذمة الخلفاء ..وذمة المؤمنين.. اذا اعطوا الذي عليهم من الجزية.شهد على ذلك خالد بن االوليد.وعمرو بن العاص .وعبد الرحمن بن عوف .ومعاوية بن ابي سفيان . كتب وحضر سنة 15 هجرية.”” وهذا يؤكد ان الاديان السماوية -التي لم تحرف- قد انسابت من السماء الى الارض وكان نزولها على شكل حلقات متصلة.. تكون سلسلة مضيئة تضيء بنورها على جميع المؤمنين .فهذه عدالة الاسلام .يا رب ارحمنا واعدنا الي القوة.. وابعدنا عن الذل والمهانة التي نراها الان.. يا رب.
コメント