المؤلم اننا امام عدو لا يسمع والجشع يملأ شرايينه ، فبالرغم من ان جلالة الملك عبدالله الثاني ، اكد لاسرائيل انها اذا ارادت ان تعيش بيننا ، فليس امامها الا السلام بدلا من ان تكون قلعة تحميها الاسوار.
وبالرغم من اتفاقيات الهدنة ومعاهدات السلام التي تم توقيعها ، الا ان اسرائيل تعيش في خوف دائم وهي تستغيث صباحا ومساء تطلب الامن لمواطنيها الذين اغتصبوا ارض فلسطين كما يعرف الجميع.
اتفاقية اوسلو بين اسرائيل والفلسطينيين لم تكن كافية لجلب الامن للاسرائيليين فقررت اسرائيل بناء الجدار العازل. وبعد الحرب الاسرائيلية مع لبنان سنة 2006 اقامت اسرائيل جدارا بشريا هو قوات دولية على الحدود. واخيرا سمعنا ان نتنياهو قرر اقامة جدار عازل على الحدود بين اسرائيل ومصر بطول 255 كيلومترا بالرغم من اتفاقية كامب ديفيد للسلام، وهو غير الجدار الذي اقيم مع قطاع غزة ، فذلك بطول عشرة كيلومترات فقط ولا نقصده في هذا المقال. ولا ندري متى تقرر اسرائيل بناء جدار عازل على جميع الاراضي التي استولت عليها؟.
واضح ان اسرائيل لا تؤمن بالسلام ولا ترغب فيه ، فالسلام ليس على الاجندة الاسرائيلية ويتساوى في ذلك جميع الاحزاب الاسرائيلية بدون استثناء ، وتصرفاتها تثبت ذلك مع الجميع. العقلية اليهودية لم تتغير فهي ما زالت عقلية الجيتو اليهودي ، اي حارة اليهود. فقد استمر اليهود يعيشون عبر العصور في عزلة عن باقي الشعوب ولا ندري هل هذه تعليمات الرب يهوه؟ ام انها اعتقادهم بانهم شعب الله المختار؟ ام نتيجة لشعورهم الدائم بالخوف لانهم منبوذون من جميع الشعوب التي عاشوا بينها؟.
ومهما كان السبب ، فقد كانت الامم في الزمان القديم تبني اسوارا حول المدن لحمايتها. ولكنها حماقة اثبت التاريخ في جميع العصور فشلها ، بل انها قمة الجبن وقمة الغباء،.
ليس سرا ان اسرائيل تعتبر ترسانة من الاسلحة ، وبالرغم من ذلك فهي في ازمة دائمة تبحث عن الامن دوما ، فالعرب جيران لا يوثق بهم ، وهم لا يختلفون عن باقي الشعوب ، فالمسلمون والمسيحيون على ضلال ، اما اليهود فهم المؤمنون وهم شعب الله المختار ، الخ. والتوراة مليئة بهذه الخرافات،. المهم الان ان فكرة الاحتماء خلف الاسوار راودت عمالقة الصهاينة والاسرائيليين ولم يتخلوا عنها مطلقا فكانوا يريدون بناء هذا الجدار بعد وصولهم مهاجرين الي فلسطين في القرن العشرين.
الارهابي جابوتنسكي وهو الاب الروحي للمتعصبين في اسرائيل مثل الليكود نادى ببناء جدار عازل بين المستعمرات اليهودية التي اقامها المهاجرون اليهود زمن الانتداب البريطاني على فلسطين من سنة 1917 - 1948 ولقد ذكر ذلك في كتابه الشهير واسمه (الجدار الحديدي) الذي صدر سنة 1923 ثم جاء بعده بنحاس سابير رئيس وزراء اسرائل الاسبق ، فطرح فكرة الجدار ، واسماه (الجدار العازل). وكرر هذه الفكرة كثير من اليهود والصهاينة خاصة الذين يعيشون في امريكا واطلقوا عليه اسم (الحائط النووي) ، واستمرت الفكرة في ذهن القادة الاسرائيليين يتداولونها جيلا بعد جيل الى ان جاء الجنرال اسحق رابين ، وبحث بناء هذا السور حول كل اسرائيل ، من جميع الجهات ، ،، الا ان القدر لم يمهله ، فاغتاله الارهابي اليهودي عمير.
واخيرا وصل الجنرال اريل شارون ، رجل المهمات الصعبة ، واصبح رئيسا للوزراء ، ؟ فقرر تنفيذ الجدار ، بل بدأ بتنفيذ بناء جدار عازل له صفات عجيبة ، لعلها تجلب الامن لمواطني اسرائيل. فان ارتفاع الجدار شاهق يصل الى 15 قدما ، وهو سور الكتروني مكهرب بقوة 5000 فولت ثم تحفر خنادق بجوار الجدار ، واقامة اسلاك شائكة ، مع حقول الغام بين الجدار والاسلاك الشائكة ، مع تثبيت كاميرات الكترونية ترصد اي حركة على امتداد 10 كيلومترات،، واضواء كاشفه فوق ابراج خاصة ، ثم تقوم دوريات من القوات الاسرائيلية المسلحة على مدار الساعة ولم يستبعد الخبراء استعمال خيارات تقنية متقدمة؟ مثل مجسات الاشعة تحت الحمراء ، وبالونات المراقبة ، والهوائيات الموجهة الكترونيا ، الخ.
خوف لا حدود له ، وجبن ليس له مثيل ، بالرغم من ترسانة الاسلحة؟ والاسلحة النووية؟.
يستغرب الانسان من كل هذا الهلع الاسرائيلي ، فلا توجد جدران في العالم الا في اسرائيل،، ولقد ثبت فشلها منذ قديم الزمان ، ولعل حصان طروادة ، في صدر التاريخ يعتبر اشهر مثال على فشل الاسوار في جلب الحماية ، والتاريخ مليء بالامثلة ، فان خط ماجينو ، بين فرنسا والمانيا لم يصمد امام القوات الالمانية اكثر من ساعتين؟ وخط بارليف الشهير الذي اقامته اسرائيل شرق قناة السويس ، ونامت اسرائيل على وسادة من العسل ، اعتقادا منها بقوة هذا السور ولكنه لم يصمد امام ضربات القوات المصرية الباسلة ، عند تحرير سيناء سنة 1973 وتحطم خلال 24 ساعه فقط.
فالاسوار ليست سوى وهم بالامن ، ان الحق والعدل اقوى من الجدران اضعافا مضاعفة ، لقد كان الجنرال شارون من الماضي التوراتي والعسكري الاسرائيلي ، فاننا ننظر الى نتنياهو وهو يعمل جاهدا ليكون زعيم المتطرفين في اسرائيل بلا منازع ، فان عقليته لم تختلف عن عقلية الجنرال شارون ، فقرر الاستمرار في اقامة الجدار العازل في الضفة الغربية المحتلة ، ثم قرر اقامة جدار اخر على الحدود المصرية بطول 255 كيلومترا ، بحجة حماية اسرائيل؟ او جلب الامن للاسرائيليين؟ علما ان اسرائيل هي الخطر علينا وعلى كل العرب وليس العكس ، ونعتقد ان هذا يرجع الى اعتقاد اليهود بالنبوءات ، والتنجيم والخرافات ، وهم يخافون من زوال اسرائيل ، بحسب رواياتهم،،.
コメント