top of page

البورصات بين الثراء السريع.. والافلاس


الاقتصاد هو الوجه الاخر للسياسة خاصة في العصر الحديث فقد اصبح  كلاهما وجهين لعملة واحده ولايستغني احدهما عن الاخر..الا ان الانسان خلق عجولا فهو بغريزته يحب ان يجنى اقصى ما يستطيع من الاموال  باسرع وقت ممكن ويبدو انه وجد ضالته في البورصة.. بالرغم من انه وهم كبير الا ان رجال المال اعتبروها المكان الافضل للثراء السريع.. خاصة شراء وبيع الاسهم . .ولن نستخدم اصطلاحات فنية او رسومات تقليدية ونتكلم بلغة مبسطة.. عن البورصات القانونية.بداية لن نغوص عميقا في تاريخ البورصة ولكن نكتفي الى ذكر ان البارون (روتشيلد)وهوانجليزي ويعتبر اغنى اغنياء اليهود  في عصره وهو يعتبر رمزا للبورصه في العصر الحديث.. فقد جنى مبالغ طائلة من انهيار بورصة باريس في القرن التاسع عشر ثم انتشرت البورصات في اوروبا وامريكا واخيرا وصلت الى العالم العربي.وسوف نحصر مقالنا هذا في منافع ومخاطر البورصة ونتكلم عن بعض الامثلة في الدول العربية مثل بورصة الكويت وبورصة عمان وبورصة دبي:- اولا – بورصة الكويت(وسوق المناخ):-     تم افتتاح بورصة الكويت سنة 1978 وكانت بورصة عادية تعتمد على رؤوس الاموال الكويتية ولقد جوبهت هذه البورصة بانتقادات شديدة من رجال الدين.. الذين اعتبروها نوعا من القمار المنهي عنه شرعا.. الا ان الحكومة الكويتية لم تلتفت الى هذه الاعتراضات وسمحت لمن يشاء ان يشتري ويبيع الاسهم.. واعتبرت البيع والشراء حلالا  اقره القران الكريم قال تعالى (واحل الله البيع وحرم الربا) كان الحال عاديا وطبيعيا جدا الى ان تم اختراع جديد في الكويت وهو  ما سمى( سوق المناخ ) وهي سوق مواز  خارج البورصة الرسمية.. وكان اشبه بالكرنفال فالسماء تمطر ذهبا.. على كل من يدخل هذه السوق بدون استثناء وكل بحسب راسماله..كان الامر مغريا ولكنه كان عجيبا ايضا ..فالسهم يتضاعف سعره اضعافا مضاعفة بدون عمل للشركات.. والاسهم كانت صورية بحتة..لذلك ارتفعت اسهم سوق المناخ بارقام فلكية.. فكان انهيارها سريعا مثل ما بدأت وسبب الانهيار كان مضحكا.. فقد اعطى احد كبار تجار سوق المناخ  شيكا بمبلغ فلكي في ذلك الوقت.. وهو بمبلغ 360 مليون دينار كويتي.. بغير رصيد.. وهذه كانت النهاية..شيك واحد سبب انهيار سوق المناخ. ويذكر ان متحف الشمع البريطاني متحف( مدام توسو) عمل تمثالا لهذا التاجر باعتباره اعظم محتال .وما يزال سوق المناخ (البورصة غير الرسمية ) لغزا محيرا .ان انهيار سوق المناخ  كان له اسوأ الاثرعلى  الاقتصاد الكويتي الذي اوشك على الانهيار لولا تدخل الحكومه الكويتية لانقاذ البلاد.. واصبحنا امام كارثة حقيقية اقتصادية وسياسية معا..واشترت الحكومه جميع الديون التي بلغت 28 مليار دينار كويتي اي اكثر من 100 مليار دولار امريكي..فقد افلس الالاف ممن اعتقدوا بوجود الثراء السريع في البورصة.. واتضح لهم ان الربح بدون تعب هو مجرد سراب.. لا قيمة له في الواقع. ثانيا:- بورصة عمان الرسمية :-     منذ انشاء هذه البورصة اراد المسؤولون ان يتفادوا الكوارث.. التي حلت بالكويت نتيجة (سوق المناخ) فكان البيع والشراء عاديا.. وتحت اشراف مباشر للدولة وتدقيق مستمر.. حرصا على عدم تلاعب بعض المساهمين.. خاصة عدم تسريب اخبار كاذبة .. الى السوق من اجل كسب غير مشروع واقامت الهيئة نظاما محكما مفاده عدم ارتفاع السهم او هبوطه سوى بنسبة 10% فقط من قيمته السوقيه..ثم عدل ليصبح 5% وهكذا استطاع المسؤولون حفظ البورصة واموال المتعاملين فيها. الا ان حجم التداول في بورصة عمان.. بقى محدودا نظرا للوضع الخاص للبلاد.. فنحن لسنا دولة نفطية .ولكن ظهرت على السطح طفرة غريبة بعيدة عن اخلاق اهل الاردن فجاة.. ومفادها قيام بعض الاشخاص بايهام المتعاملين معهم.. انهم يشتغلون مع بورصات عالميه وكانوا يدفعون 20%من قيمة المبلغ المستثمر شهريا ..واطلق على هذا (البورصات)ولكن سرعان ما انكشف هؤلاء.. واعتقلوا واعادوا الى المستثمرين ذوي النية الحسنة وعدم الخبرة معظم اموالهم..وبقيت البورصة الرسمية فقط وهي تعمل بهدوء .لمن لديه خبرة.وحسن نية وحرص على الاردن.   ثالثا :-  بورصة دبي (الامارات العربية المتحدة):- يبدو ان بورصة دبي هي الانجح في العالم العربي.. ربما للتنظيم الدقيق فيها والاستعانة بمستشارين اكفاء ..وانتشار الشركات المالية والاستثمارية ..وتوعية المشتركين في بورصة دبي.. واستطاعت دبي جلب مستثمرين خليجيين واجانب..والاماراتيين والمقيميمين في دبي ما جعل المبالغ المتداولة تصل الى ارقام فلكية . ازدهرت بورصة دبي بشكل مفاجيء زمن الغزو الامريكي للعراق سنة 2003واصبحت  تمطر ذهبا فعلا .. وكأن الخليج كله قد تحول الى شركات مساهمة.. لها اسهم تباع وتشترى في البورصه وكان هذا سببا للثراء الفاحش.الا ان الكسب السريع بدون عمل جاد.. يكون ملهاة لكل من يجربها.. فان الثراء السريع اكذوبه شائعه اطلقها من يروجون الى البورصة ..فالاسهم ترتفع وتنخفض بدون سبب بل بحسب رغبة المضاربين الذين يرفعون الاسعار ثم لا يلبثون ان يبيعوا ما لديهم من اسهم ويقع الباقون ضحية ولعل اشهر تلاعب في البورصات ما حصول الى نمور جنوب شرق اسيا    ما قام به الامريكي (جورج ليفنتال) حيث اشترى اسهما عديده في دول جنوب شرق اسيا وفجاة باع كل ما يملكه من اسهم فاضطربت الاسواق وافلس الالاف واعتبر( هاوية نمور جنوب شرق اسيا)حيث اضطرت تلك الدول الى الاستدانة حتى لا تعلن افلاسها فالحذر الحذر من اكذوبة الربح السريع..

مشاهدتان (٢)٠ تعليق

Comments


bottom of page