
هل السياسة بعيدة عن الدين.. انا شخصيا لست من الذين يكتبون في الدين كثيرا بالرغم من انني درست الشريعه الاسلاميه في الجامعه .. ولكن لفت نظري الاهتمام بالندوات التي كثرت هذه الايام حول الوسطيه في الاسلام .. وحوار الاديان.. ولقد دعيت لحضور احدى هذه الندوات وكان المتحدث فيها عالم فرنسي .. تحدث على ضرورة قبول الاسلام للاخر اي اتباع الديانات السماوية الاخرى اي المسيحيين واليهود ... اعجبنا بما قاله المحاضر الكريم عن الاسلام وقبوله للاخر فقد قال تعالى في سورة البقرة (وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) صدق الله العظيم.. فان هذا هو نهج الهاشميين ودستورهم من قديم الزمان.. فنحن في المملكه الاردنيه الهاشميه نعيش معا اخوة متحابين.. لا نشعرباي فرق بسبب الدين ..وجلالة الملك حفظه الله يأمر بتشكيل الوزارة من مسلمين ومسيحين .وواضح ان الله جل شأنه يقصدنا بهذه الآيه الكريمة فجعلنا؛ الأمة التي تشهد على الناس جميعا ولقد ذهب المرحوم سيد قطب في مؤلفه الرائع( في ظلال القرآن) منحى متعادلا في تفسيره.. فالأمة المسلمة سوف تقيم بينهم العدل وتضع لهم القيم وتبدي فيهم رأيا معتمدا فتزن تقاليدهم وشعاراتهم وتقول هذا حق وهذا باطل فلا نتلقى من الغير تصورا او ميزانا بل نحن شهداء على العالم.وفي هذا الوقت فان سيد المرسلين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.. يكون علينا شهيدا ..اي على امة محمد ومن ضمنها الاردنيون فيشهد على اعمالنا ويحكم بصحتها ويزن اعمالها ..ومن هنا نجد حقيقة امتنا ودورها ووظيفتها.. فهي الأمة الوسط ..بكل معاني الوسط .. سواء من الوساطة بمعنى الحسن والفضل.. او من الوسط بمعنى الاعتدال والقصد..او من الوسط بمعناه المادي والحسي .. فاما الامة الوسط في التصور والاعتقاد فهي تعني عدم الغلو في التجرد الروحي انما تتبع الفطرة بدون ضغط من اي جهة..
واما الوسطيه في التفكير الشعور فهي امة لا تتجمد على ما علمت.. وتغلق ابواب الاجتهاد والعقل في جميع انواع المعرفة.. فهي لا تقلد القردة.. ولا تغلو في تصوراتها وكذلك فنحن امة وسط في التنظيم والتنسيق.. فلا تدع الحياة كلها للمشاعر والضمائر وانما نحن امة ترفع ضمائر البشر بالتهذيب والتوجيه وليس بالسيف او بالقوة .. وكذلك امة وسط في العلاقات والارتباطات.. فلا تلغي شخصية الاخر كائنا من كان ولا تلاشي شخصية الجماعة او الدولة ولكن يبقى لكلٍ مساحته ودوره في حدود الايمان بالله ..واخيرا فالمقصود بامة وسط من حيث المكان في وسط الكرة الارضية اننا نعيش في وسط القارات حيث نتنتع بموقع جغرافي لا مثيل له فيشهد العالم اعمالنا الطيبة وفي نفس الوقت نكون شهداء على الناس جميعا كما ورد في القرآن الكريم الذي هو دستورنا الالهي.. وكذلك يكون نسل سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام شهداء على الناس اجمعين ..هذا ما نفهمه من الوسطية في الاسلام اي اننا امة وسط.. فلا تطرف عندنا ولا ارهاب نعرفه دينا .. وانما حياة عادية والقرآن الكريم مليء بالآيات التي تنصحنا بل تأمرنا باتباعها فنسير في مجراها مثل ( ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن..) وايضا( لكم دينكم ولي دين ) ايات كثيرة من القرآن الكريم..تحض على الحوار الهادىء.
وعلى الوسطية في تصرفاتنا ..الا اننا نجد كثيرا من المسلمين يعيشون في اوروبا وامريكا يعيشون عكس حياة المسيحيين واليهود في بلادنا فنسمع عن قوانين كثيرة ..من بعض المتطرفين في الطرف الاخر فمنهم من يدعو الى الغاء الحجاب الذي ترتديه المسلمات.. ومنهم من يحارب المآذن في المساجد .. ونعتقد ان هؤلاء من الذين يملأهم الحقد على الغير.. كائنا من كان مسلمين او غير مسلمين .
ان الاسلام الحنيف دين الوسطية ..كما اكد جلالة الملك عبد الله حفظه الله.. والقرآن الكريم مليء بالسور التي تنظم العلاقة مع غير المسلمين.. مثل التي ذكرناها اعلاه ومثل(وان جنحوا للسلم فاجنح لها) .فان الاسلام دين سماحة وعدل وليس دينا للمتطرفين ويكفي اننا عشنا حوالي خمسة عشر قرنا او يزيد وبيننا من كل اتباع الديانات السماوية من مسيحيين ويهود مواطنين معا نشاركهم افراحهم واحزانهم وهم يبادلوننا هذا بالمثل وليس سرا ان الهاشميين كانوا معتنقي الوسطية في الاسلام وعلى هذا النهج ساروا ونحن على دربهم نسير حفظ الله الاردن وطنا يعيش فيه الجميع اخوة متحابين بعيدا عن التطرف في الفكر وفي الراي الذي يصل احيانا الي درجة الارهاب المكروه دينا ودنيا. الوسطية هي التسامح والتساهل مع اهل الديانات الاخرى.. جعل الله هذا مبدأ لنا وللعالم اجمع...!!
Comments