
لا ادري لماذا يسود اعتقاد خاطىء ، بين كثير من ابناء العروبة ، بان فرنسا بلد اللهو والخلاعة وان الفرنسيين ، بل الاوروبيين ، دائما يؤيدون اسرائيل؟ ويتخذون موقفا معاديا للعرب؟ والحقيقة ، اننا نرتكب خطأ جسيما بحق انفسنا ، وبحق قضايانا العادلة ، عندما لا نفرق بين النظم السياسية الحاكمة ، وبين شعوب اوروبا، ونضعهم جميعا في سلة واحدة. فان الشعوب عادة لا تشتغل في دهاليز السياسة ومتطلباتها ، ولا تهتم كثيرا بدفع ثمن الوصول الي سدة الحكم؟.
انا لست محاميا ، عن شعوب اوروبا ، ولا ارغب ان اكون كذلك في يوم من الايام؟ ولكن ما قرأته حديثا ، جعلني اشعر بهذا الشعور ، فهل ظلمنا شعوب اوروبا؟ ام ظلمنا انفسنا؟.
على اي حال اليكم ما حدث ، واحكموا بانفسكم ، وهو: سيسيل موزا ، سيدة فرنسية ، بل هي عجوز فرنسية ، تدير فندقا صغيرا ، بين غابات فروبانس الفرنسية في شمال غرب فرنسا ، والفندق يحمل اسم (دو لا فاب) والسيدة سيسيل ليست من قحطان ، ولا علاقة لها بالعرب البائدة ، او العرب العاربة ، او المستعربة ، ولا بالعرب عربان. فهي فرنسية ابا عن جد ، ودماؤها فرنسية 100%؟ وقبل مدة ، ظهرت صورتها في صحيفة يديعوت احرونوت ، الاسرائيلية الواسعة الانتشار. ظهرت صورة سيسيل وهي لا تغطي شعرها بحجاب اسلامي ، او بكوفية فلسطينية؟ وكانت تتحدث مع مراسل الصحيفة ، بلغة الارض التي انجبتها ، اي باللغة الفرنسية، فهي لا تتكلم اللغة العربية ، ولا تعرفها ، كما ان السيدة سيسيل ليست مفتونة بشمس العرب ، التي اشرقت على الغرب؟ فهي لم تقرأ ديوان المتنبي ، ولم تطلع على هجائيات جرير ، والاخطل ، والفرزدق ، ولم تتمتع بقراءة غزل عنترة ، في ابنة عمه عبلة واضافة الي كل ما سبق ، فانها لا تعلم شيئا عن ابن الهيثم ، او الفارابي ، او الرازي؟ وربما كانت علاقتها بالشرق الاوسط ، محدودة جدا؟ سواء مع الاثرياء العرب ، او اليهود ، او الفقراء من الطرفين ، وعلاقتها بالشرق الاوسط ، تكاد تكون ضئيلة جدا ، ذلك ان السياح الاغنياء الذين يذهبون الي تلك المنطقة ، الهادئة بين الغابات، يختارون عادة الفنادق الضخمة ذات الاسماء العالميه الشهيرة ، ذات الخمس نجوم؟ والسيدة سيسيل كانت مكتفية بما قرأته من التاريخ القديم من قصص الف ليلة وليلة ، والسندباد البحري ، وعلاء الدين ، والمصباح السحري ، وعلى بابا والاربعين حرامي ، فلا علاقة لها بالسياسة من قريب او بعيد؟.
وسبب اهتمام صحيفة يديعوت احرونوت ، بالسيدة سيسيل ، كما ذكرت الصحيفة ، هو الاتي: ان اسرائيليا ، يقيم في تل ابيب ، رغب في تمضية اجازة استجمام ، في مكان هادىء وساحر ، هو والسيدة زوجته ، فاختار منطقة فروبانس في فرنسا ، ووقع اختيارهما على فندق دولافاب؟.
الذي تملكه السيدة سيسيل ، فاتصلا بالفندق ، وطلبا حجز غرفة لهما؟. ولكنهما فوجئا برد عبر البريد الالكتروني برفض الحجز. واعادا الاستفسار متى يمكن ان تتوفر غرفة لهما؟ اعتقادا منهما ان الفندق مشغول بالكامل ، ولا توجد غرفة ، في الزمان الذي حدداه؟ الا ان الجواب كان صاعقا جدا ، لم يتحمله الاسرائيلي؟ فقد جاء الجواب عبر البريد الالكتروني ، (نحن لا نتستقبل السياح الاسرائيليين ، )؟ وغضب الاسرائيلي وهاج وماج. واخبر صحيفة يديعوت احرونوت بالخبر المزعج؟ ولم تصدق الصحيفه. فهذا زلزال حقيقي. فكيف يجرؤ فندق صغير في فرنسا ، على رفض استقبال سائح اسرائيلي؟ هؤلاء شعب الله المختار؟ والاسرائيلي هو السوبرمان في هذا العصر؟ ثم ارسلت الصحيفة احد مراسليها في فرنسا ، الى الفندق ، واجرى مقابلة ، بل تحقيقا ، مع السيدة سيسيل؟ وسألها لماذا لا تستقبلين سياحا اسرائيليين في فندقك؟ واجابت السيدة سيسيل ، بكل ثقة ، لان اسرائيل دولة عنصرية، وهي خطر على السلام العالمي؟ وتمارس عملية ابادة جماعية ضد الفلسطينيين العزل في الضفه الغربيه وغزة. واضافت انها ليست الوحيده ، التي ترفض استقبال سياح اسرائيليين ، اذ ان معظم الفنادق ، في منطقتها تفعل الشيء ذاته ، اي ترفض استقبال سياح من اسرائيل. واضافت السيدة سيسيل قائلة ، انني اعارض سياسة اسرائيل. وهذه هي الوسيلة الوحيدة ، التي استطيع بها الاعراب عن معارضتي،، والفرنسيون ليسوا الوحيدين في اوروبا ، الذين لا يرحبون بالاسرائيليين ، اذ ان ما يزيد على 68%من الاوروبيين ، يرون ان هذه الدولة المارقة ، خطر على السلام العالمي.، وهذا الرأي تجري ترجمته الى سلوك،، وقالت ان رئيس جمعية الصداقة العربية النرويجية ، في اوسلو صرح بان اطفال النرويج ، يقاطعون البضائع الاسرائيلية؟ ويرفضون شراء البرتقال؟ الذي تصدره اسرائيل ، احتجاجا على سياستها الفاشية تجاه الفلسطينيين العزل في غزة؟.
المضحك المبكي ، في هذا الزمان ، انه في الوقت الذي ترفض فيه سيسيل ، استقبال الاسرائيليين في فندقها ، ويقاطع اطفال النرويج ، البضائع الاسرائيلية ، احتجاجا على حرب الابادة الاجرامية التي شنتها اسرائيل على غزة هاشم؟ ، الا ان الفنادق العربية ، تفتح ابوابها على مصراعيها للسياح الاسرائيليين ، مع الترحيب الشديد ، ومع الحراسة ايضا ، اما الاسواق العربية فان البضائع الاسرائيلية تملأ المحلات وتملأ المخازن بعد ان ملأت بطوننا والحمد لله.
يا سيدة مارسيل ، ويا اطفال النرويج الصغار ، ليس بينكم من كان ينشد ، بلاد العرب اوطاني ، اما نحن الذين كنا نحفظه ونردده ، فسامحونا.
コメント