لاءات الخرطوم الثلاثة.. ولاءات نتنياهو الثلاثة؟

لاءات الخرطوم الثلاثة.. ولاءات نتنياهو الثلاثة؟

صدق الشاعر عندما قال :- اني ارى الايام دول فمن سره زمن ساءته ازمان

فان الدول تتغير وتتوالى مثل تغير الايام ..وهذا يذكرنا بالحال العربي الذي نعيشه فنحن نذكر مؤتمر القمة للملوك والرؤساء العرب الذي عقد في( الخرطوم) عاصمة السودان في سنة 1968 ..كان ذلك المؤتمر بعد جراح هزيمة الجيوش العربية سنة 1967 ..كان المؤتمر يدرس اوضاع الامة العربية ويتدارس الجميع لوضع استراتيجية جديدة للعالم العربي.. على ضوء (النكسة) التي حدثت .كان الحضور هم عمالقة العرب فقد كان الرئيس الخالد جمال عبد الناصر جالسا وهو النسر المكسور الجناح ..الذي ينزف دما من اثر النكسة .ولكن عمالقة العرب امثال الملك الحسين بن طلال رحمه الله.. والملك فيصل بن عبد العزيز ال سعود رحمه الله.. وباقي الملوك والرؤساء رحم الله من توفي منهم واطال الله في عمر من بقي على قيد الحياة .المهم ان جميع الحضور اتفقوا على ان نكسة 1967 ليست نهاية العالم ..وانما هي معركة خسرناها ..وسوف يستمر النضال والامة العربية لن تموت .وخرج المؤتمر بقرارات مهمة اطلق عليها (لاءات الخرطوم) وهي :- لا صلح مع العدو الاسرائيلي ..ولا مفاوضات مع العدو الاسرائيلي ..ولا اعتراف بدولة العصابات الاسرائلية ..!

ولكن مضت الايام وتقلب الدهر.. وتبادل الليل مع النهار في دورته الفلكية .. ومن سره زمن ساءته ازمان .فهل صمدت هذه الللاءات الثلاثة في وجه الاعاصير التي اجتاحت العالم العربيبعد ذلك ..؟الالم في الصدور ولم نعد نخشى على القلوب.. فقد انهارت( لاءات) الخرطوم الثلاث .. الواحدة تلو الاخرى والحسرة تملأ قلوبنا جميعا.فقد اجريت مفاوضات السلام بين العربواسرائيل في مؤتمر مدريد سيء الذكر بتاريخ30/اكتوبر سنة 1991 بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ..وانهارت (اول لاءات الخرطوم).وليت الامر وقف عند هذا الحد بل تعداه الي ترتيب(3(الصلح) مع العدو الاسرائيلي ..الذي اصبح الصديق الاسرائيلي..وتلا ذلك الاعتراف بدولة اسرائيل.. من بعض الدول العربية علنا ..واقيمت السفارات الاسرائلية في بعض العواصم العربية.. بينما اكتفت بعض الدول العربية بالاعتراف المغطى او السري.

وهكذا انهارت لاءات العرب ..الذين اتخذوها في مؤتمر الخرطوم واسدل الستار عليها بحسب رغبة المخرج الامريكي.. ونحن نعتقد ان السب هو الضعف العربي سواء العسكري او الاقتصادي او السياسي..الخ.الذي يشاهده الجميع.3

اما لاءات بنيامين نتنياهو.. رئيس وزراء اسرائيل فتاتي من موقف القوة الاسرائلية المتغطرسة فقد جرت انتخابات مبكرة (للكنيست)البرلمان الاسرائيليكما هو معروف في شهر مارس 2015 واثناء الحملة الانتخابية لرئيس الوزراء الاسرائيلي قال لاءاته الثلاث وهي:- تعهد نتنياهو طوال فترة رئساته للوزراء الا تقوم دولة فلسطينيةعلى الاطلاق .كما تعهد بعدم اجراء اي مفاوضات مع الفلسطينيين طوال فترة رئاستة للوزراء في اسرائيل . واكد ان حل الدولتين كما اقترحته الولايات المتحدة الامريكية لن ينظر فيه طوال رئاسته للوزراء .هذه اللاات الثلاث اطلقها نتنياهو اثناء حملته الانتخابيه .ولكن يبقى السؤال قائما هل مصير لاءات نتنياهو افضل من مصير لاءات الخرطوم..؟ العرب قالوا لا ..ثم تراجعوا فهل يتراجع نتنياهو بعد ان قال لا..؟

من المؤكد اننا نعيش في عالم اكبر من الدول العربية واكبر من اسرائيل فهناك دول مركزية ودول اوروبية ودول بيدها القوة والصولجان فامريكا مازالت قوية وهي تحكم ونفوذها لا ينكره الا من يلبس نظارة سوداء فلا يرى العالم من حولهوعلى اي حال فان اسرائيل تعيش على المساعدات الامريكية من اقتصادية وعسكرية وسياسية فالفيتو في مجلس الامن جاهز لحماية اسرائيل دوما .ولذلك بعد فوز نتنياهو في الانتخابات الاخيرة كان لا بد له من مصالحة امريكا فبدأ ينزل عن الشجرة وان كان ببطء فقد صرح الي الاذاعة الامريكية (ان .بي .ار .)فقال (اني لا اريد دولة واحدة وانا اقصد اني اريد دولة فلسطينية بشرط ان تكون منزوعة السلاح ..وان تعترف هذه الدولة بيهودية دولة اسرائيل..وانه يجب على السلطة الفلسطينية ان تعيد قرارها بالمصالحة مع حركة حماس..) طبعا هذا لارضاء امريكا وليس لارضاء الفلسطينيين . ويتنازل نتنياهو عن باقي لاءته فيصرح في مؤتمر صحفي عقده في تل ابي فيقول :- (انه لا يزال ملتزما بحل الدولتين ويستطرد قائلا انه ليس عنصريا ..بل انه فخور بان يكون رئيسا للوزراء لجميع المواطنين يهودا وعربا..) وهكذا تبدأ لاءات نتنياهو بالانهيار الواحدة تلو الاخرى ويبدو ان تلك اللاءات كانت دعاية انتخابية فقط فالدماء الفلسطينية والاراضي الفلسطينية محل مهدور للمتطرف0سوف يقدم المزيد من التنازلات بعد التقرير الاوروبي الذي تكلم عن القدس الشريف وان العنف فيها اصبح لا يطاق وصدرت توصية اوروبية بفرض عقوبات اقتصادية جديدة على اسرائيل خاصة مقاطعة منتجات المستوطنات الاسرائلية .وهكذا نجد اللاءات لا تستطيع الصمود امام الضط الدولي سواء كانت من العرب او من نتنيياهو.ففي العالم حجار شطرنج تخضع الي لاعب دولي كبير..!!